الحجاب والحجاب
هل كان الأمر بالحجاب خاص بالزوجات العفيفات فقط؟
يدّعي البعض أن الأمر بالحجاب كان خاصاً بالزوجات العفيفات فقط، ولا ينطبق هذا الأمر على غيرهن من النساء. ويستند هؤلاء إلى تفسير الآية الكريمة المذكورة أعلاه، حيث يرون أن الخطاب في الآية الكريمة موجه للزوجات العفيفات فقط. إلا أنه من المهم أن نلاحظ أن هذه الحجة باطلة وغير منطقية في آن واحد، فمن ناحية أولى، تتضمن الآية العديد من أحكام الشريعة الإسلامية. فمن هذه الأحكام، على سبيل المثال، أن:
وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًۭا ٣٣(33:33)
فهل هذا الأمر خاص بالزوجات الطاهرات فقط؟ وهل يجوز لغيرهن من النساء أن يتزين مثل نساء الجاهلية ويخرجن؟ من الواضح أن غيرهن من النساء لا يجوز لهن ذلك، بل إن الأمر ورد على النحو التالي
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ
فَهَلْ الْأَمْرُ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ خَاصٌّ بِالنِّسَاءِ الطَّاهِرَاتِ؟ وَلَا أَمْرَ لِغَيْرِهِنَّ مِنَ النِّسَاءِ بِالصَّلَاةِ؟ وَبَعْدَ ذَلِكَ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالْأَمْرِ كَمَا يَأْتِي
واتين الزكوة
وليس لغيرهن من النساء؟ وأيضًا، قيل أيضًا:
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فهل الأمر بطاعة الله ورسوله خاص بالزوجات الطاهرات؟ كلا، فسياق الآية بتمامها يوضح أن الأوامر في هذه الآية عامة للجميع. وإن كان الخطاب المباشر للزوجات الطاهرات إلا أنه يخاطب بهن جميع نساء المجتمع.
وهناك نقطة أخرى يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، وهي أن الغرض من الحجاب والستر هو منع الأذى المحتمل أن ينشأ من عدم الاحتشام في المجتمع. والسؤال الآن: هل هذا الضرر لا ينشأ إلا من الزوجات غير الطاهرات؟ حاشا لله! فالزوجات الطاهرات العفيفات لسن مصدر هذا الأذى، بل إن الزوجات الطاهرات العفيفات لسن مصدر هذا الأذى. فهل كان هناك خوف من الأذى منهن؟ أليس هناك خوف من فتنة تنشأ من غيرهن؟ فإذا كان الأمر بخروج النساء الطاهرات مع النبي – صلى الله عليه وسلم – مع النبي – صلى الله عليه وسلم – فيخرج معهنّ غيرهنّ من النساء. وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْخَوْفِ مِنْ وُقُوعِ الْفِتْنَةِ مِنْهُنَّ. وَالْآيَةُ الثَّانِيَةُ خِطَابٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ
يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لِّأَزْوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰٓ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورًۭا رَّحِيمًۭا. (33: 59).
وقد اختيرت كلمة “الجلباب” في هذه الآية للدلالة على الثوب الذي يغطي الجسم كله من الرأس إلى أخمص القدمين. والفرق بين “الجلباب” و “البرقع” هو أن “البرقع” هو النقاب الذي يوضع على الوجه، بينما “الجلباب” لا يغطي الوجه.
وقد كانت النساء في عهد النبي محمد (ص) يلبسن “الجلباب”، وفي هذه الآية أمر لجميع المؤمنات أن يدنين عليهن من جلابيبهن. وهذا الأمر ورد لمنع انكشاف وجه المرأة على وجه قد يؤدي إلى الفتنة، ومن ثم فإن أول شرط هو تغطية الوجه، وهذا موافق للأمر القرآني.
والآن، دعونا نناقش مفهوم وحدود “الحجاب” و”البردة”.
فيما يتعلق بـ “الحجاب”، فإن الشرط الأساسي هو أن يكون الجسم كله، من الرأس إلى أخمص القدمين، مغطى بـ “الشادار” (قطعة قماش) أو “البرقع”. يجب تغطية الشعر أيضًا، ويجب تغطية الوجه أيضًا. وهذا يعني أنه يجب تغطية الوجه بـ “النقاب” (نقاب الوجه).
أما ما ورد في الآية الكريمة فقد جاء في تفسير حضرة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النساء في ذلك الوقت كنّ في ذلك الوقت يتدربن على إنزال “الشدار” على رؤوسهن، ولا يظهر منهن إلا عيونهن. وكان باقي الوجه مغطى بـ “الشدار”. إذن، فالطريقة السليمة لمراعاة “الحجاب” هي تغطية كامل الجسد بما في ذلك الوجه، باستثناء أنه عند وجود حاجة ملحة لكشف الوجه يجوز كشف الوجه واليدين حتى المعصمين. وفيما عدا ذلك، فإن القاعدة العامة هي وجوب تغطية الجسم كله.
يقدم هذا الشرح فهمًا واضحًا لمفهوم وحدود “الحجاب” و”العورة” وفقًا للتعاليم الإسلامية.
ولا ينبغي للمرأة أن تعتبر أن الحجاب مصدر إشكال بالنسبة لنا، بل الحجاب من طبيعة المرأة، ومعنى المرأة شيء يجب ستره، فالمرأة لا يجب أن تكون عورة في الأصل، بل الحجاب من طبيعة المرأة. الحجاب جزء من خلق المرأة. فإذا تغيرت الطبيعة فلا علاج لها. غير أن الراحة والطمأنينة الموجودة في ارتداء الحجاب لن تكون موجودة عند كشفها وانكشافها علانية. ولذلك، فإن الحفاظ على الحجاب جزء أساسي من الاحتشام.
ويبدو أن الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) كان يراعي أحوال الناس اليوم. قال (صلى الله عليه وسلم): “يَكُونُ نِسَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نِسَاءٌ كَأَنَّ رُءُوسَهُنَّ أَسْنِمَةُ الْإِبِلِ”.
وَقَدْ كَانَ النِّسَاءُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ نِسَاءٌ نَابِتَاتٌ شُعُورُهُنَّ كَأَنَّهَا أَسْنِمَةُ الْإِبِلِ. وأخبر أنهن في الظاهر يلبسن لباساً ولكن لباسهن يكون بحيث لا يؤدي الغرض من الستر، إما لأن لباسهن سيكون رقيقاً جداً أو لأنه سيكون ضيقاً جداً بحيث تنكشف جميع معالم أجسادهن. ونتيجة لذلك، سيختفي كل الحياء. كما أنه لم يكن من المتصور من قبل أن تلبس النساء بهذه الطريقة. وذلك لأن قلوبهن كانت مملوءة بالحياء، وكانت طبيعتهن تجعلهن يكرهن ارتداء مثل هذه الملابس. أما الآن، فالصدر مكشوف، والرقبة مكشوفة، والذراعان مكشوفتان. أي نوع من الملابس هذا؟